من بين كل الفيتامينات والمعادن الّتي يحتاجها الجسم، يظلّ فيتامين (د) حالة خاصة جدًا.
فهو ليس مجرد فيتامين عادي، بل يُعدّ هرمونًا أساسيًا يلعب دورًا مهمًا في كل خلية تقريبًا من خلايا الجسم. ومع ذلك، يُعاني عدد كبير من الناس من نقصه دون أن يعرفوا، لأن أعراضه عادة تكون غامضة وبطيئة في الظهور.
فما هو فيتامين (د)؟ ولماذا هو بهذه الأهمية؟ وكيف تعرف أنّك تعاني من نقصه؟ —
☀️ ما هو فيتامين (د)؟
فيتامين (د) هو فيتامين ذائب في الدهون يساعد الجسم على امتصاص الكالسيوم والفوسفور، وهما عنصران ضروريان لبناء العظام والأسنان القوية.
لكن دوره لا يتوقف عند ذلك، فهو أيضًا يؤثر في المناعة، المزاج، العضلات، وحتى في صحة القلب والمخ.
والجميل أنّ الجسم يستطيع إنتاجه بنفسه عندما تتعرّض أشعة الشمس للجلد.
ولهذا يُسمّى أحيانًا فيتامين الشمس.
—
️ أسباب نقص فيتامين (د)
رغم أنّ الشمس متوفّرة في معظم أوقات السنة، إلا أنّ كثيرًا من الناس يعانون من نقص فيتامين (د).
ويرجع ذلك إلى مجموعة من الأسباب أهمها:
1. قلة التعرّض للشمس:
سواء بسبب نمط الحياة داخل المنازل والمكاتب، أو الخوف من الشمس لأسباب جمالية، فكثيرون لا يتعرضون لما يكفي من الأشعة فوق البنفسجية التي تحفّز إنتاج الفيتامين.
2. استخدام واقي الشمس بشكل دائم:
رغم فوائده الكبيرة للبشرة، إلا أنه يمنع امتصاص الأشعة التي يحتاجها الجسم لإنتاج فيتامين (د).
3. البشرة السمراء أو الداكنة:
تحتوي على نسبة أعلى من الميلانين، مما يقلل قدرة الجلد على إنتاج فيتامين (د) من ضوء الشمس.
4. سوء التغذية أو اتباع حميات صارمة:
خاصة تلك التي لا تحتوي على أطعمة غنية بفيتامين (د) مثل الأسماك الدهنية أو صفار البيض.
5. بعض الحالات الصحية:
مثل أمراض الكبد والكلى أو اضطرابات الامتصاص في الجهاز الهضمي (زي مرض السيلياك أو كرون)، الّتي تقلل من قدرة الجسم على الاستفادة من الفيتامين.
6. التقدم في العمر:
فمع الوقت تقلّ قدرة الجلد على إنتاج فيتامين (د)، كما تقلّ حركة الشخص في الخارج.
—
أعراض نقص فيتامين (د)
المشكلة في نقص فيتامين (د) أنّه “هادئ” لا يُعلن عن نفسه بسرعة، بل يتسلل في صمت عبر أعراض خفيفة قد نربطها بالتعب أو الضغط اليومي.
ومن أشهر تلك الأعراض:
تعب عام وضعف في العضلات
آلام في العظام أو أسفل الظهر
مزاج متقلب أو اكتئاب بسيط بدون سبب واضح
بطء في التئام الجروح بعد الإصابات أو العمليات
تساقط الشعر أو ضعف الأظافر
تكرار العدوى ونزلات البرد بسهولة
وفي حالات النقص الشديد، قد تظهر مشاكل واضحة في العظام مثل لين العظام لدى الكبار أو الكساح عند الأطفال.
—
كيف يتم التشخيص؟
الطريقة الوحيدة الدقيقة لمعرفة مستوى فيتامين (د) هي تحليل دم بسيط يقيس نسبة “25-هيدروكسي فيتامين د”.
المستوى الطبيعي عادة يتراوح بين 30 إلى 100 نانوغرام/مل، بينما أقل من 20 يُعتبر نقصًا يحتاج تدخلًا.
ويُنصح بإجراء هذا التحليل كل فترة، خصوصًا في الحالات التالية:
من يعانون من تعب مزمن أو آلام عظام غير مبرّرة
النساء بعد سن الأربعين
الأشخاص الذين لا يتعرضون للشمس كثيرًا
من يتّبعون أنظمة غذائية نباتية بالكامل
—
كيف نعوّض النقص؟
التعويض ممكن وسهل، لكن يحتاج توازنًا بين الغذاء، الشمس، والمكملات:
1. التعرّض المعتدل للشمس:
يكفي تعريض الوجه والذراعين والساقين لأشعة الشمس لمدة 10 إلى 15 دقيقة، 3 مرات أسبوعيًا على الأقل، دون استخدام واقي الشمس في تلك الدقائق.
2. الأطعمة الغنية بفيتامين (د):
مثل:
١ . السلمون، التونة، والسردين
٢ . صفار البيض
٣ . الكبدة
٤ . الحليب المدعّم
٥ . الفطر (المشروم)
3. المكمّلات الغذائية:
في الحالات التي لا يكفي فيها الغذاء والشمس، يمكن للطبيب وصف مكملات فيتامين (د) بجرعات محددة حسب الحاجة.
ويجب عدم تناولها عشوائيًا، لأن الزيادة قد تكون ضارة أيضًا وتؤثر على الكلى والكالسيوم في الدم.
—
نصائح للحفاظ على مستوى طبيعي من فيتامين (د)
اجعل التعرض للشمس عادة أسبوعية ثابتة.
تناول أطعمة بحرية مرة أو مرتين أسبوعيًا.
لا تبدأ أي مكمل قبل استشارة الطبيب أو الصيدلي.
احرص على الفحوصات الدورية خاصة لو بتعاني من تعب مستمر.
للأطفال والحوامل أهمية خاصة في المتابعة، لأن احتياجاتهم أعلى.
—
الخلاصة:
نقص فيتامين (د) قد يبدو بسيطًا، لكنه يؤثر على كل شيء من المناعة إلى المزاج والعظام.
الاهتمام به لا يحتاج مجهودًا كبيرًا، فقط قليل من الوعي وبعض العادات الصحيّة اليومية قادرة على حماية جسمك من آثار هذا “النقص الصامت”.
ففي النهاية، الشمس ليست فقط دفئًا ونورًا، بل دواء طبيعي مجاني لا يُقدَّر بثمن ☀️